أثارت تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون التى أدان فيها قتل النساء والأطفال فى غزة، حفيظة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو الذى سارع بالرد، محذرا باريس من مغبة التعرض لما يحدث فى غزة.
وقال نيتانياهو: «الجرائم التى ترتكبها حماس اليوم فى غزة سترتكبها غدا فى باريس ونيويورك وفى كل أنحاء العالم». واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلى أن المسئولية عن مصير سكان غزة تقع على عاتق “حماس” فقط، وليس إسرائيل”.وفى بيانه، جمع نيتانياهو بين اسم “حماس” و”داعش”، وقارن مرة أخرى بين “تصرفات من وصفهم بالمتطرفين الفلسطينيين وجرائم مقاتلى داعش». كذلك قال: “دعونا نتذكر أن إسرائيل دخلت الحرب لأن المنظمة الإرهابية قتلت بوحشية مئات الإسرائيليين واختطفت أكثر من 200 إسرائيلى».
جاءت تصريحات نيتانياهو بعد ساعات على انتقادات الرئيس الفرنسى ماكرون، فى مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بى بى سى» والتى حض فيها إسرائيل على وقف القصف الذى يقتل المدنيين. وقال ماكرون: “نحن نشاطر إسرائيل وجعها ونشاركها رغبتها فى التخلص من الإرهاب.. لكن ثمة مدنيين يُقصفون، هؤلاء الأطفال هؤلاء النساء هؤلاء الكبار فى السن يتعرضون للقصف والقتل ولا يوجد أى مبرر ولا أى شرعية لذلك، لذا نحض إسرائيل على التوقف”.
كما شدد على أنه لا يوجد حل آخر سوى هدنة إنسانية أولا للتحرك نحو وقف لإطلاق النار يتيح حماية جميع المدنيين الذين لا علاقة لهم بالإرهابيين. وقال: “يستحيل شرح أننا نريد مكافحة الإرهاب من خلال قتل أبرياء”.وردا على سؤال حول انتهاك إسرائيل المحتمل للقانون الدولى، أكد ماكرون أنه ليس قاضيا، معربا عن قلقه من أن يؤدى القصف الكثيف لغزة إلى استياء فى المنطقة. وفى تحول طفيف ملحوظ فى اللهجة الأمريكية المستخدمة تجاه الحكومة الإسرائيلية، أعرب وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن عن أسفه لعدد القتلى المدنيين فى غزة. وطرح وزير الخارجية أنتونى بلينكن، فى حديثه للصحفيين خلال جولة فى آسيا، ما قال إنها مبادئ أساسية لغزة ما بعد الحرب، والتى يبدو أن بعضها يتعارض مع النهج الضيق الذى تتبعه إسرائيل. وأوضح أن هذه المبادئ تشمل “عدم التهجير القسرى للفلسطينيين من غزة، وعدم استخدام القطاع منصة لشن الإرهاب أو الهجمات الأخرى ضد إسرائيل، وعدم تقليص أراضى غزة، والالتزام بحكومة يقودها الفلسطينيون فى غزة والضفة الغربية، وبطريقة موحدة”.
وخلال المحادثات التى تجريها فى السعودية حول أزمة حرب غزة، دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مجددا إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لتوفير الإمدادات للسكان المعوزين فى قطاع غزة. وذكرت مصادر من وفد الوزيرة الألمانية أنه خلال المحادثات مع مسئولين من الحكومتين القطرية والسعودية كان هناك اتفاق على ضرورة تطبيق وقف إطلاق نار إنسانى، والذى يسمح أيضا بإيصال المساعدات الإنسانية”.
وفى تطور منفصل، عقد مجلس الأمن الدولى، جلسة مفتوحة ركزت على الأوضاع الصحية بقطاع غزة، وذلك بدعوة من دولة الإمارات. وأكدت بعثة الإمارات فى الأمم المتحدة، أن الجلسة تأتى فى سياق الوضع المزرى فى قطاع غزة والتطورات المتصاعدة بما يشمل الأزمة الصحية، وسط استمرار الهجمات على المستشفيات. وفى الوقت الراهن يعمل 10 أعضاء غير دائمين فى مجلس الأمن الدولى على صياغة مشروع قرار جديد، من المتوقع أن يضم بعض البنود من المشاريع التى لم يتسن تبنيها فى وقت سابق.
ووسط إجراءات أمنية مشددة، وبرغم تنديد رئيس الوزراء البريطانى، انضم مئات الآلاف من المتظاهرين إلى “المسيرة الوطنية من أجل فلسطين” فى لندن، أمس، التى تعد الرابعة التى يتم تنظيمها فى العاصمة البريطانية منذ هجمات حماس على إسرائيل فى السابع من أكتوبر الماضى.
يأتى ذلك وسط مخاوف من إثارة أعمال عنف خلال المسيرة التى تتزامن مع “يوم الهدنة”، الذى تحتفل به بريطانيا بمناسبة انتهاء الحرب العالمية الأولى، تكريما لذكرى قدامى المحاربين.
ونشرت الشرطة ما يقرب من 2000 من أفراد الأمن، وتوعدت باتخاذ إجراءات صارمة ضد أى اضطرابات قد يسببها المشاركون فى المسيرة، أو احتجاج مضاد من قبل جماعات يمينية معارضة وقدامى المحاربين.
وقال منظمو حملة التضامن مع فلسطين إن المسيرة ابتعدت عن النصب التذكارى للحرب بالقرب من مكتب ريشى سوناك، رئيس الوزراء البريطانى فى شارع داونينج، وتختتم عند السفارة الأمريكية على بعد نحو 3 كيلومترات، فى الوقت الذى فرضت فيه الشرطة منطقة حظر حول المناطق المرتبطة بأحداث الذكرى، فى حين تم نشر حراسة غير مسبوقة من الشرطة على مدار 24 ساعة فى النصب التذكارى منذ الخميس الماضى.
وعلى الرغم من أن المسيرات السابقة لحملة التضامن مع فلسطين كانت سلمية بشكل عام، فإنه تم اعتقال أكثر من 100 شخص بسبب “جرائم” بما فى ذلك إظهار الدعم لحماس، التى تصنفها بريطانيا منظمة إرهابية، أو حمل لافتات تحمل شعارات مسيئة. وانتقد سوناك المسيرة، ووصفها بأنها “لا تنم عن الاحترام”، على حد وصفه، وأضاف أنه سيحمل قائد شرطة لندن المسئولية عن حماية أحداث الذكرى، وعبر أعضاء فى مجلس العموم عن قلقهم من أن الجماعات اليمينية المتطرفة، قد تسعى إلى استغلال المناسبة كذريعة للعنف.
وفى واشنطن، وقع أكثر من ألف مسئول فى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على خطاب مفتوح يحث إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن على المطالبة بوقف فورى لإطلاق النار فى الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، والخطاب هو أحدث علامة على عدم الرضا داخل الحكومة الأمريكية عن دعم بايدن لإسرائيل فى ردها على هجمات حماس فى السابع من أكتوبر.
